الجغرافيا السياسية

تُعنى الجغرافيا السياسية، كأحد فروع العلوم الجغرافية، بدراسة البعد السياسي للمكان الجغرافي. يعني ذلك أن هناك في المكان الجغرافي، من المستوى المحلي إلى العالمي وفوق القومي، ظواهر وبنى ذات طبيعة مكانية/جغرافية ترتبط بشكل وثيق بالمكون السياسي. ومن ثم، تُعد الجغرافيا السياسية من المعارف البشرية ذات الطبيعة المركبة التي تجمع بين مكونين أساسيين هما الجغرافيا والسياسة.

في الوقت نفسه، يظهر موضوع الجغرافيا السياسية المركب كظواهر بسيطة في المكان الجغرافي سواء بشكل موضوعي أو ذهني، سواء كان ظاهرًا أو خفيًا، مثل: ترسيم الحدود والسيادة، الشعور والانتماء المكاني/المكاني، الوطنية والجنسية، الدول، الولايات، الحدود، العواصم، الأماكن المركزية، الحكومات المحلية، البنى السياسية-المكانية الإقليمية، المناطق الجيوسياسية، الأماكن الجغرافية المتأزمة، التحركات المكانية على مختلف المستويات، ديناميكية المكان والسياسة، تجليات التفاعل المكاني بين السياسة والجغرافيا، نماذج التصويت والانتخابات المكانية، تقسيمات الأصوات، التقسيمات الإدارية، التنظيم السياسي المكاني، إدارة الفضاء السياسي، الجغرافيا والاستراتيجية الوطنية، السياحة، السلام والأمن، البيئة، الهجرات الدولية، الأنظمة الإقليمية والعالمية وغيرها.

لذا، تتشكل البنية الفلسفية للجغرافيا السياسية من الأماكن، الفضاءات والظواهر الناتجة عن تداخل الجغرافيا والسياسة. بمعنى آخر، تلك البنى والظواهر المكانية/الجغرافية التي تحمل قيمة سياسية، هوية سياسية أو وظيفة سياسية هي موضوع دراسة الجغرافيا السياسية وتخصصاتها الفرعية.

الجزء من الجغرافيا السياسية المرتبط بمكون السلطة، والذي ينشأ من تفاعل الجغرافيا والسياسة والسلطة، يقع ضمن المجال الموضوعي "الجيوسياسة" كأحد فروع الجغرافيا السياسية المتخصصة. تطوير هذه الدراسات واكتشاف القوانين ونمذجة العلاقات المتبادلة بين المتغيرات السياسية والمكانية يمكن أن يمهد الطريق لتطبيق علم الجغرافيا السياسية والجيوسياسة في مجالات الحوكمة والعلاقات الخارجية، لا سيما في تنظيم وإدارة الأماكن والفضاءات الجغرافية السياسية (الدول، الوحدات السياسية/المكانية الداخلية، المدن، الأماكن المركزية، الحدود...) وكذلك الأمن الداخلي والوطني والعلاقات الخارجية للدول.

كما أن التحليل الجغرافي للتطورات والأزمات العالمية والإقليمية، والفهم الصحيح لطبيعة وسلوك الدول السياسية على المستويات الوطنية، الإقليمية والعالمية، والاختلاف والتقارب بينها، والتي لها أصول جغرافية ومكانية، ضرورة يجب أن يقوم بها الجغرافيون السياسيون.

ترجع نشأة تاريخ الجغرافيا السياسية في العالم إلى منتصف القرن الثامن عشر، حينما استخدم الفيلسوف والجغرافي والسياسي الفرنسي "آن روبير جاك تورغو" هذا المصطلح عام 1751م في إطار مشروع كتاب بعنوان "الجغرافيا السياسية" في جامعة السوربون، وكذلك استخدمه الفيلسوف والجغرافي الألماني إيمانويل كانت عام 1757م في جامعة كونيغسبرغ بألمانيا وصاغ مفاهيمه. ثم تطورت هذه العلم بفضل جهود وأعمال علماء مثل فريدريك راتزل، الجغرافي السياسي الألماني في أواخر القرن التاسع عشر.

حالياً، تُعتبر الجغرافيا السياسية في العالم تخصصاً جامعياً مستقلاً أو كفرع من فروع الجغرافيا البشرية.

في إيران، نمت وتطورت الجغرافيا السياسية بعد الثورة الإسلامية كتخصص جامعي. تم قبول أول دفعة دكتوراه في الجغرافيا السياسية كفرع من الجغرافيا البشرية في عام 1366 هـ.ش في جامعة تربيت مدرس. لذلك، أول برنامج دكتوراه في الجغرافيا السياسية في إيران أُسس في جامعة تربيت مدرس بالتعاون مع أساتذة مثل الدكتور دره ميرحيدر، الدكتور عزت الله عزتي، والدكتور حسين شكوي، حيث بدأ الطالبان محمد رضا حافظ نيا ويدالله كريمي بور دراستهما.

كان الدكتور محمد رضا حافظ نيا أول خريج لدكتوراه الجغرافيا السياسية وكذلك أول خريج دكتوراه في تخصصات مختلفة من جامعة تربيت مدرس، حيث دافع في فبراير 1369 هـ.ش عن رسالته بعنوان "الدور الاستراتيجي لمضيق هرمز".

أُعد برنامج ماجستير الجغرافيا السياسية عام 1371 هـ.ش في جامعة تربيت مدرس وتمت الموافقة عليه من قبل المجلس الأعلى للتخطيط الأكاديمي وبدأ تنفيذه في الجامعات المختلفة داخل البلاد.

أيضاً، وباقتراح من جامعة تربيت مدرس، تم اعتماد برنامج دكتوراه مستقل في الجغرافيا السياسية بتاريخ 30/1/1377 هـ.ش من قبل المجلس الأعلى للتخطيط الأكاديمي وأُرسل إلى الجامعات في البلاد. وبذلك، تعد جامعة تربيت مدرس هي موطن الجغرافيا السياسية كتخصص مستقل في مرحلتي الماجستير والدكتوراه في إيران.

تأسس قسم الجغرافيا السياسية في جامعة تربيت مدرس، منتزعة من قسم الجغرافيا، في كلية العلوم الإنسانية في أوائل عام 1393 هـ.ش، وعُين الدكتور محمد رضا حافظ نيا أول مدير لهذا القسم بأمر من رئيس الجامعة المحترم.

عبارت خود را درج و جهت جستجو "Enter" را بفشارید